الأربعاء، 1 أبريل 2009

ومن الحب ماقتل



جَفنه علم الغزل ..
ومن العلم ماقتل
فحرقنا نفوسنا ..
في جحيم من القبل


ونشدنا ولم نزل ..
حلم الحب والشباب
حلم الزهر والندى ..
حلم اللهو والشراب
هاتها من يدى الرضى ..
جرعة تبعث الجنون
كيف يشكو من الظما ..
من له هذه العيون


ياحبيبي أكلّماضمَّنا
للهوى مكان
أشعلوا النار حولنا
فغدونا لها دخان

قل لمن لام في الهوى ..
هكذا الحسن قد امر
إن عشقنا فعذرنا ...
أن في وجهنا نظر .



ومن العلم ماقتل .... أو كما قيل أيضا ومن العشق ماقتل .....
وهل يقتل الحب صاحبه ؟...... الحب أرق العواطف الإنسانية وأكثرها تهذيبا وتساميا بالنفس ...كيف يمكن لهذا الرفيق الرقيق أن يفتك بصاحبه .... ؟..

هل مازال الحب في زمننا هذا قادرا على القتل ؟.... ...هذا زمن يقتل الحبَّ وفيه أصبح الحب أضعف من أن يفتك بأحد .... بل إنه زمنٌ صار الحب فيه يحرض على القتل أحيانا .... كيف أصبح ذلك الكائن اللطيف قاتلا ومحرضا على القتل .... وكيف قبل أن يتحوَّل من قاتل إلى مقتول .

الحديث عن الحب لاينضب ...فهو القاتل والمقتول .... وهو الساحر الذي يحول الحياة في أعين المحبين إلى جنة من الجمال .... وفي لحظة أخرى يحولها إلى جحيم من العذاب لايطاق .. وقد يدفع ببعض ضحاياه لللإنتحار هربا مما يسببه من تعاسة وألم وشقاء ...

وللحديث بقية أو بقايا ........






الثلاثاء، 31 مارس 2009

مضناك جفاه مرقده

وهذه الرائعة الشعرية لأحمد شوقي جاءت معارضة لقصيدة من الشعر الأندلسي الجميل هي قصيدة ( ياليل الصَّبِّ متى غده )للشاعر الأندلسي أبي الحسن الحصري القيرواني... وهذه القصيدة عارضها الكثيرون ولكن قصيدة أحمد شوقي كانت الأكثر قوة وجزالة من بين تلك المعارضات ...
القصيدة اشتهرت بشكل واسع ربما لأن المطرب محمد عبد الوهاب شدا بها ، فعرفها الناس بالسماع .
كما غناها آخرون من بينهم المطربة غادة شبير .
القصيدة رائعة معنى ومبنى ...
وهي أيضا ممارسخ في وجداني منذ أعوام طويلة ... وتمازج مع تكويني الروحي ....
.........
مضناك جفاه مرقــده
وبكاه ورحَّـم عــوَّده
حيــران القلب معذَّبه
مقروح الجفن مسهَّده
***
يستهوى الوُرق تأوُّهه
ويذيب الصخر تنهُّــده
ويناجى النجم ويتعبـه
ويقيم الليل ويقعــــده
***
الحسن حلفتُ بيوسفه
والصورة أنك مفــرده
وتمنـت كلُّ مقطِّـعــةٍ
يدها لو تُبعث تشهده
***
جحدت عيناك زكىَّ دمى
أكذلك خـــدُّك يجحـــده ؟
قد عز شهودى إذ رمتا
فأشرتُ لخدك أُشــهده
***
بينى فى الحبِّ وبينك ما
لا يقـدر واش يفســـده
مابال العازل يفتـح لى
باب السلوان وأوصده
ويقول تكـاد تُجـنَّ بـه
فاقول وأوشك أعبــده
***
مولاى وروحى فى يده
قد ضيَّعهـا سلمت يده
ناقوس القلب يدقُّ له
وحنايا الاضلع معبـده
***
قسمــــًا بثنــايا لـؤلــؤه
قسم الياقـــوت منضِّــدُه
ما خنت هواك وماخطرت
سلــــوى للقـلب تُبـــرِّده

الأحد، 29 مارس 2009

جادك الغيث إذا الغيث همى


هذه القصيدة المشهورة لشاعر أندلسي شهير لقب بـ ذي الوزارتين ،هو ( لسان الدين محمد بن الخطيب ) يعارض فيها قصيدة (ابن سهل الأندلسي ) والتي ذكر مطلعها في نهاية قصيدته هذه ...

وتلك القصيدة المشار إليها والتي عارضها بهذه القصيدة الجميلة هي أيضا موشح جميل ولكن قصيدة ابن الخطيب فاقتها شهرة ..

ولعلَّ ما أكسب الموشح الجميل تلك النكهة المميزة هو صوت فيروز المخملي التي صدحت ببعض أبياتها .......

مطلع هذه القصيدة كان والدي رحمه الله تعالى يردده كلما خلا بنفسه وقد سمعته منه وأعجبني ... وهو ما قادني إلى عالم الموشحات الجميل .....

جــادك الغـيث إذا الغـيث هـمى ~ يــازمــــان الــوصل بالأندلس
لــم يــكن وصــلـك إلا حــلـمـــا ~ في الكـرى أو خلسة المختلس

***
إذ يقـــود الدهر أشتــات المنى ~ ننقل الخـطـو على مـا ترسم
زمـــــراً بين فــرادى وثـنـــــا ~ مثلما يدعو الحجيج الموسم
والحيــا قد جلل الروض سنـــا ~ فـثـغــور الـزهــر فيــه تبسم

***
وروى النعــمان عـن مــاء السما ~ كيف يـروي مالكِ عـن أنـس
فـكـســـاه الحسـن ثــوباً مـعـلـمــا ~ يــزدهي منـه بـأبـهى ملـبس

***
في ليــالٍ كتمت ســر الهـــوى ~ بالـدجى لـولا شـمـوس الغــرر
مــال نجـم الكأس فيها وهـوى ~ مستـقـيـم السـير سعــد الأثـــر
وطــرٌ مـا فيه مـن عـيب سوى ~ أنـــه مـــر كـلـمــح الــبــصــر
حين لـذ النــوم شيئـاً أو كـمــا ~ هـجــم الصبح هجــوم الحرس
غــارت الشهـب بنــا أو ربمــا ~ أثـَّـرت فـينــا عـيون الـنرجس

***
أي شيء لامرئ قد خلصا ~ فيكون الروض قـد مُكـِّن فـيـه
تنهب الأزهار فيه الفرصا ~ أمـنت مـن مـكـره مــا تتقـيــه
فإذا الماء تَناجى والحصـا ~ وخــلا كـل خـليــل بــأخـــيــــه
تبصر الورد غيوراً برمــا ~ يكتسي مـن غـيظـه ما يكتـسي
وتـرى الآس لبيـبـاً فهمــا ~ يســرق السمع بـــأُذنيْ فــرسِ

***
يــاأهيـل الحي مـن وادي الـغـضــا ~ وبـقــلــبي مـسـكـن أنتـم بــه
ضاق عن وجهي بكم رحب الفضا ~ لا أبـالي شـرقــه مـن غـربـه
فــأعـيدوا عـهـد أنـس قــد مـضـى ~ تعـتـقـوا عـبدكــم مـن كـربـه
واتقـــُّـوا الله وأحيـــوا مغرمــاً ~ يتلاشى نفســــاً في نفـــسِ
حبــس القلـــب عليكـم كرمــــا ~ أفترضون عفـــــاءً الحبــس

***

وبـقـلـبـي مـنـكـــم مُـقــتــــرب ~ بــأحاديث المـنى وهـــو بعـــي
قـمــرٌ أطـلـع مـنــه الـمغــرب ~ شـقـوة المضنى به وهـو سعيد
قــد تسـاوى محسن أو مـذنب ~ في هـــواه بين وعـــد ووعــيـد
أحــور المقـلة معسـول اللمى ~ جــال في النفـس مجـال النفـس
سـددَّ السَّهـم فـأصمى إذ رمى ~ بـفـــؤادي نـبـلـة الـمــفــتــرس

***
إن يكـن جـــار وخــاب الأمـل ~ فـفـؤاد الصـب بـالشـوق يذوب
فـهــو للـنفـــس حـبـيـب أول ~ ليس في الحب لمحبوب ذنوب
أمــــره مـعــتـمـل مـمـتــثـل ~ في ضـلـوع قـد بـراهـا وقـلوب
حـكـم اللـحـظ بـه واحـتـكـما ~ لـم يـراقب في ضعـاف الأنفـس
يُـنـصف المظلوم ممن ظـلما ~ ويـجـازي الـبر منهـا والمـسي

***
ما لقلبي كلما هبـت صــبـــا ~ عا ده عـيد مـن الشوق جديـــــد
جلـب الهـم لـه والوصـبــــا ~ فهو للأشجان في جهـــد جهـيد
كان في اللوح له مكتـتبــــا ~ قــولـه : إن عــــذابي لـشـديـد
لاعج في أضلعي قد أُضرما ~ فهي نار في هشيـــــم اليــبـس
لم يدع في مهجتي إلا ذمـــا ~ كـبقـــاء الصبح بعــد الغـــلس

***
سلـمي يــانفـس في حـكـم الـقـضــا ~ واعـمري الوقت برجعـى ومتاب
ودعــي ذكــــر زمـــان قـــد مضــى ~ بين عـتبى قــد تقـضت وعـتـاب
واصرفي القول إلى المولى الرضى ~ مـلهـم التـوفـيق فـي أم الكـتـاب
الـكــريـم المنتهـــى والمنتمـــــى ~ أســـد السرج وبـدر المجـلـــس
يـنزل النصـــر عـليـه مـثلـمــــــا ~ ينــزِّل الـوحـــــي بروح الـقـدس

***
مصطــفى الله سـمي المصطـفى ~ الـغــني بـــالله عــن كـل أحــــد
مــن إذا مــا عـقــد العـهــد وفى ~ وإذا مــــا فـتـح الخطـب عـقـــد
مــن بني قـيـس بن سعـد وكفى ~ حيث بيت النصر مرفوع العـمد
حيث بيت النصر محـمي الحـمى ~ وجـنى الفـضل زكـي الـمغـرس
والـهــوى ظــل ظـلـيـل خـيـَّمــــا ~ والـنــَّدى هــبَّ إلى المـغــتـرس

***
هـاكهـا يـاسـبـط أنصــار الـعلا ~ والــذي إن عــثر الـدهر أقـال
غــادة ألـبسهـــا الحســن مــلا ~ تـبـهـر العـين جـــلاء وصقـال
عـارضـت لفـظــاً ومعنى وحلى ~ قـول مـن أنطقه الحب فـقـال :

((هـل درى ظبي الحمى أن قـد حمى ~ قـلب صب حـله عـن مكـنس))
((فـهــو في حـــرِّ وخـفــقِ مـثـلـمــا ~ لعـبت ريـح الصـبــــا بالقـبس))

السبت، 28 مارس 2009

حانة الأقدار


حانة الأقدار

عربدت فيها لياليها

ودارالنور

والهوى صاحى


***


هذه الازهــــار

كيف نسقيهــا

وساقيهــــا

بهــــــا مخمــور

كيف يــا صاح ِ؟


***


سألتُ عن الحب أهل الهوى

سقاةَ الدموع ندامى الجوى

فقالوا حنانك من شجــوه

ومن جـــدِّه بك او لهـوه

ومن كــدرِ الليــل أو صفـــوه

سل الطيرَ إن شئت عن شدوه

ففى شــدوهِ لمســـات ُالهوى

وبرحُ الحنين وشرح ُالهوى


***


ورحتُ الى الطير أشكو الهوى

وأســأله ســرَّ ذاك الجـــوى

فقال : حنـــانك من جمــرهِ

ومن صحوِ ساقيه او سكرهِ

ومن نهيــه فيــك او أمــرهِ


سلى الليل أن شئتِ عن سرِّه

ففى الليل يُبعث أهلُ الهـوى

وفى الليل يكمن سرُّ الجـوى


***


ولما طوانى الدجى والهـوى

لقيت الهوى وعرفت الهوى


ففى حانةِ الليل خُمَّـارُه

وتلك النجيماتُ سُمَّاره

وهمسُ النسائم اسرارُه

وتحت خيام الدجى نارُه


وفي كل شـىءٍ يلوح الهــوى

ولكن لمــن ذاق طعــمَ الهوى


***



من أجمل ماكتبه الشاعر طاهر أبو فاشا وأحلى ماغنته أم كلثوم ....


أبياتٌ لها سحر الموشحات الأندلسية ... وربما سارت أيضا على نفس طريقة بنيانها الشعري ... ولعل سر جمالها يكمن في تلك الروحانية التي تغلفها ...
هذه الرائعة الغنائيةهي واحدة من ست قصائد غنتها أم كلثوم في أوريت ( رابعة العدوية ) .

كل ماكتبه أبو فاشا من قصائد اتسمت بجمال الكلمات وسمو المعاني ورقتها ...

أبو فاشا عٌرف ككاتب أغاني ومؤلف لكثير من الأعمال الإذاعية الهادفة منها حلقاته الإذاعية (ألف ليلة وليلة ) ولكنه كان أيضا شاعرا متميزا وقد صدرت له عدة دواوين ..وله مؤلفات أدبية أخرى


نفتقد في زمننا هذا ... زمن القفز والبهلوانية الغنائية وهز الوسط وترقيص الأجساد وإثارة الحواس الدنيا إلى مثل هذا الكم من الجمال والروحانية .

ياشقيق الروح

موشح أندلسي بسيط ورشيق وليتني عرفت من ألَّفه ... اشتهر هذا الموشح بمن غنَّاه وليس بمن صنعه ...

قدر الشعراء أن ينساهم الناس ويذكرون من غنى قصائدهم .........


ياشقيق الروح من جسدي ...أهوىً بي منك أم ألـــمُ ؟


أيهـا الظبي الذي شردا ... تركتني مقلتاك ســدى


زعمو أني أراك غـدا ... وأظن الموت دون غدي


أين مني اليوم مازعموا ؟ ...


أدنُ شيئـاً أيها القـمر ...كاد يمحـو نورك الخفر ...


أدلال ذاك أم حــذر؟


يانسيم الروح من بلدي... خبِّر الأحباب كيف همُ
........
هذه هي الكلمات المفرطة في رقتها وعفويتها .... أما الصوت فهو لفيروز يشاركها وديع الصافي بالتناوب ... حنجرتان رائعتان تتنافسان في قوة الصوت وعذوبة الأداء ....
مع هذا الخليط المسكر من الكلمات والصوت واللحن لايكفي وصف حالة الإنتشاء التي تصيب السامع .... إنها حالة من النشوة المباحة ... تجتاح الروح فتحلق بها في سماء من الوجد والإنتشاء والصفاء الروحي..

عشقٌ بلا بدايـة ولانهـايـة


عشق أتى - قبل الوجود وعاش في الدنيــا قرونا قبلنــا
و تقابلت أشواقنا وتصافحت أعمـارنا وتعانقت روحـانا
وتوقـدت أشواقنــا وتوهجت ومضت لتحكي سرنا وهوانا

إحدى شاعرات النت المرهفات الحس امتلأ فؤادها بعشق روحاني لاحدود له فتخيلت أنه خُلق قبل أن توجد هي ....
وربما يكون الأمر كذلك .. ... فالأرواح موجودة قبلنا وتبقى بعد فنائنـأ ... ومن يدري فقد تكون الأرواح التقت في عالمها بمن تحب وتهوى وتآلفت معه قبل أن تحط الأ{واح رحالها في الأجساد .... وتستسلم لمصيرها حيث ارتباطها بالمكان الذي أوجدت فيه .... فلا يتاح لها التعرف على الأرواح التي تآلفت معها في عالم الغيب قبل الحلول في الجسد والتعود على أسره ومطالباته ونزعاته .
كم من الأرواح استطاعت أن تجد إلفها وتهنأ بالعيش معه في عالم الأحياء ...!.....ربما تكون هناك أمور نادرة وغريبة تجمع بين الأرواح التي تحب وتألف وتشتاق وتحن إلى نصفها المفقود ..... وليس كل الأرواح ؛ فهناك أرواح تظل تبحث وتبحث ولاتجد ماتبحث عنه .... وقد يكون نصيبها أن تعود إلى عالم الخلود لتجد توأمها هناك ينتظرها ليكون التواصل الدائم الذي لاينتهي بوداع وانفصال ..... وماعلى تلك الأرواح إلا التصبٌّر والإنتظار حتى يحين موعد الرحيل عن عالم الفناء بآلامه وأحزانه ومتاعبه .تعزية لابد منها لكل تلك الأرواح النقية الطاهرة التي تعيش دون أمل في لقاء محبوب تشتاق إليه وتحلم بوجوده معها ....