الثلاثاء، 31 مارس 2009

مضناك جفاه مرقده

وهذه الرائعة الشعرية لأحمد شوقي جاءت معارضة لقصيدة من الشعر الأندلسي الجميل هي قصيدة ( ياليل الصَّبِّ متى غده )للشاعر الأندلسي أبي الحسن الحصري القيرواني... وهذه القصيدة عارضها الكثيرون ولكن قصيدة أحمد شوقي كانت الأكثر قوة وجزالة من بين تلك المعارضات ...
القصيدة اشتهرت بشكل واسع ربما لأن المطرب محمد عبد الوهاب شدا بها ، فعرفها الناس بالسماع .
كما غناها آخرون من بينهم المطربة غادة شبير .
القصيدة رائعة معنى ومبنى ...
وهي أيضا ممارسخ في وجداني منذ أعوام طويلة ... وتمازج مع تكويني الروحي ....
.........
مضناك جفاه مرقــده
وبكاه ورحَّـم عــوَّده
حيــران القلب معذَّبه
مقروح الجفن مسهَّده
***
يستهوى الوُرق تأوُّهه
ويذيب الصخر تنهُّــده
ويناجى النجم ويتعبـه
ويقيم الليل ويقعــــده
***
الحسن حلفتُ بيوسفه
والصورة أنك مفــرده
وتمنـت كلُّ مقطِّـعــةٍ
يدها لو تُبعث تشهده
***
جحدت عيناك زكىَّ دمى
أكذلك خـــدُّك يجحـــده ؟
قد عز شهودى إذ رمتا
فأشرتُ لخدك أُشــهده
***
بينى فى الحبِّ وبينك ما
لا يقـدر واش يفســـده
مابال العازل يفتـح لى
باب السلوان وأوصده
ويقول تكـاد تُجـنَّ بـه
فاقول وأوشك أعبــده
***
مولاى وروحى فى يده
قد ضيَّعهـا سلمت يده
ناقوس القلب يدقُّ له
وحنايا الاضلع معبـده
***
قسمــــًا بثنــايا لـؤلــؤه
قسم الياقـــوت منضِّــدُه
ما خنت هواك وماخطرت
سلــــوى للقـلب تُبـــرِّده

الأحد، 29 مارس 2009

جادك الغيث إذا الغيث همى


هذه القصيدة المشهورة لشاعر أندلسي شهير لقب بـ ذي الوزارتين ،هو ( لسان الدين محمد بن الخطيب ) يعارض فيها قصيدة (ابن سهل الأندلسي ) والتي ذكر مطلعها في نهاية قصيدته هذه ...

وتلك القصيدة المشار إليها والتي عارضها بهذه القصيدة الجميلة هي أيضا موشح جميل ولكن قصيدة ابن الخطيب فاقتها شهرة ..

ولعلَّ ما أكسب الموشح الجميل تلك النكهة المميزة هو صوت فيروز المخملي التي صدحت ببعض أبياتها .......

مطلع هذه القصيدة كان والدي رحمه الله تعالى يردده كلما خلا بنفسه وقد سمعته منه وأعجبني ... وهو ما قادني إلى عالم الموشحات الجميل .....

جــادك الغـيث إذا الغـيث هـمى ~ يــازمــــان الــوصل بالأندلس
لــم يــكن وصــلـك إلا حــلـمـــا ~ في الكـرى أو خلسة المختلس

***
إذ يقـــود الدهر أشتــات المنى ~ ننقل الخـطـو على مـا ترسم
زمـــــراً بين فــرادى وثـنـــــا ~ مثلما يدعو الحجيج الموسم
والحيــا قد جلل الروض سنـــا ~ فـثـغــور الـزهــر فيــه تبسم

***
وروى النعــمان عـن مــاء السما ~ كيف يـروي مالكِ عـن أنـس
فـكـســـاه الحسـن ثــوباً مـعـلـمــا ~ يــزدهي منـه بـأبـهى ملـبس

***
في ليــالٍ كتمت ســر الهـــوى ~ بالـدجى لـولا شـمـوس الغــرر
مــال نجـم الكأس فيها وهـوى ~ مستـقـيـم السـير سعــد الأثـــر
وطــرٌ مـا فيه مـن عـيب سوى ~ أنـــه مـــر كـلـمــح الــبــصــر
حين لـذ النــوم شيئـاً أو كـمــا ~ هـجــم الصبح هجــوم الحرس
غــارت الشهـب بنــا أو ربمــا ~ أثـَّـرت فـينــا عـيون الـنرجس

***
أي شيء لامرئ قد خلصا ~ فيكون الروض قـد مُكـِّن فـيـه
تنهب الأزهار فيه الفرصا ~ أمـنت مـن مـكـره مــا تتقـيــه
فإذا الماء تَناجى والحصـا ~ وخــلا كـل خـليــل بــأخـــيــــه
تبصر الورد غيوراً برمــا ~ يكتسي مـن غـيظـه ما يكتـسي
وتـرى الآس لبيـبـاً فهمــا ~ يســرق السمع بـــأُذنيْ فــرسِ

***
يــاأهيـل الحي مـن وادي الـغـضــا ~ وبـقــلــبي مـسـكـن أنتـم بــه
ضاق عن وجهي بكم رحب الفضا ~ لا أبـالي شـرقــه مـن غـربـه
فــأعـيدوا عـهـد أنـس قــد مـضـى ~ تعـتـقـوا عـبدكــم مـن كـربـه
واتقـــُّـوا الله وأحيـــوا مغرمــاً ~ يتلاشى نفســــاً في نفـــسِ
حبــس القلـــب عليكـم كرمــــا ~ أفترضون عفـــــاءً الحبــس

***

وبـقـلـبـي مـنـكـــم مُـقــتــــرب ~ بــأحاديث المـنى وهـــو بعـــي
قـمــرٌ أطـلـع مـنــه الـمغــرب ~ شـقـوة المضنى به وهـو سعيد
قــد تسـاوى محسن أو مـذنب ~ في هـــواه بين وعـــد ووعــيـد
أحــور المقـلة معسـول اللمى ~ جــال في النفـس مجـال النفـس
سـددَّ السَّهـم فـأصمى إذ رمى ~ بـفـــؤادي نـبـلـة الـمــفــتــرس

***
إن يكـن جـــار وخــاب الأمـل ~ فـفـؤاد الصـب بـالشـوق يذوب
فـهــو للـنفـــس حـبـيـب أول ~ ليس في الحب لمحبوب ذنوب
أمــــره مـعــتـمـل مـمـتــثـل ~ في ضـلـوع قـد بـراهـا وقـلوب
حـكـم اللـحـظ بـه واحـتـكـما ~ لـم يـراقب في ضعـاف الأنفـس
يُـنـصف المظلوم ممن ظـلما ~ ويـجـازي الـبر منهـا والمـسي

***
ما لقلبي كلما هبـت صــبـــا ~ عا ده عـيد مـن الشوق جديـــــد
جلـب الهـم لـه والوصـبــــا ~ فهو للأشجان في جهـــد جهـيد
كان في اللوح له مكتـتبــــا ~ قــولـه : إن عــــذابي لـشـديـد
لاعج في أضلعي قد أُضرما ~ فهي نار في هشيـــــم اليــبـس
لم يدع في مهجتي إلا ذمـــا ~ كـبقـــاء الصبح بعــد الغـــلس

***
سلـمي يــانفـس في حـكـم الـقـضــا ~ واعـمري الوقت برجعـى ومتاب
ودعــي ذكــــر زمـــان قـــد مضــى ~ بين عـتبى قــد تقـضت وعـتـاب
واصرفي القول إلى المولى الرضى ~ مـلهـم التـوفـيق فـي أم الكـتـاب
الـكــريـم المنتهـــى والمنتمـــــى ~ أســـد السرج وبـدر المجـلـــس
يـنزل النصـــر عـليـه مـثلـمــــــا ~ ينــزِّل الـوحـــــي بروح الـقـدس

***
مصطــفى الله سـمي المصطـفى ~ الـغــني بـــالله عــن كـل أحــــد
مــن إذا مــا عـقــد العـهــد وفى ~ وإذا مــــا فـتـح الخطـب عـقـــد
مــن بني قـيـس بن سعـد وكفى ~ حيث بيت النصر مرفوع العـمد
حيث بيت النصر محـمي الحـمى ~ وجـنى الفـضل زكـي الـمغـرس
والـهــوى ظــل ظـلـيـل خـيـَّمــــا ~ والـنــَّدى هــبَّ إلى المـغــتـرس

***
هـاكهـا يـاسـبـط أنصــار الـعلا ~ والــذي إن عــثر الـدهر أقـال
غــادة ألـبسهـــا الحســن مــلا ~ تـبـهـر العـين جـــلاء وصقـال
عـارضـت لفـظــاً ومعنى وحلى ~ قـول مـن أنطقه الحب فـقـال :

((هـل درى ظبي الحمى أن قـد حمى ~ قـلب صب حـله عـن مكـنس))
((فـهــو في حـــرِّ وخـفــقِ مـثـلـمــا ~ لعـبت ريـح الصـبــــا بالقـبس))

السبت، 28 مارس 2009

حانة الأقدار


حانة الأقدار

عربدت فيها لياليها

ودارالنور

والهوى صاحى


***


هذه الازهــــار

كيف نسقيهــا

وساقيهــــا

بهــــــا مخمــور

كيف يــا صاح ِ؟


***


سألتُ عن الحب أهل الهوى

سقاةَ الدموع ندامى الجوى

فقالوا حنانك من شجــوه

ومن جـــدِّه بك او لهـوه

ومن كــدرِ الليــل أو صفـــوه

سل الطيرَ إن شئت عن شدوه

ففى شــدوهِ لمســـات ُالهوى

وبرحُ الحنين وشرح ُالهوى


***


ورحتُ الى الطير أشكو الهوى

وأســأله ســرَّ ذاك الجـــوى

فقال : حنـــانك من جمــرهِ

ومن صحوِ ساقيه او سكرهِ

ومن نهيــه فيــك او أمــرهِ


سلى الليل أن شئتِ عن سرِّه

ففى الليل يُبعث أهلُ الهـوى

وفى الليل يكمن سرُّ الجـوى


***


ولما طوانى الدجى والهـوى

لقيت الهوى وعرفت الهوى


ففى حانةِ الليل خُمَّـارُه

وتلك النجيماتُ سُمَّاره

وهمسُ النسائم اسرارُه

وتحت خيام الدجى نارُه


وفي كل شـىءٍ يلوح الهــوى

ولكن لمــن ذاق طعــمَ الهوى


***



من أجمل ماكتبه الشاعر طاهر أبو فاشا وأحلى ماغنته أم كلثوم ....


أبياتٌ لها سحر الموشحات الأندلسية ... وربما سارت أيضا على نفس طريقة بنيانها الشعري ... ولعل سر جمالها يكمن في تلك الروحانية التي تغلفها ...
هذه الرائعة الغنائيةهي واحدة من ست قصائد غنتها أم كلثوم في أوريت ( رابعة العدوية ) .

كل ماكتبه أبو فاشا من قصائد اتسمت بجمال الكلمات وسمو المعاني ورقتها ...

أبو فاشا عٌرف ككاتب أغاني ومؤلف لكثير من الأعمال الإذاعية الهادفة منها حلقاته الإذاعية (ألف ليلة وليلة ) ولكنه كان أيضا شاعرا متميزا وقد صدرت له عدة دواوين ..وله مؤلفات أدبية أخرى


نفتقد في زمننا هذا ... زمن القفز والبهلوانية الغنائية وهز الوسط وترقيص الأجساد وإثارة الحواس الدنيا إلى مثل هذا الكم من الجمال والروحانية .

ياشقيق الروح

موشح أندلسي بسيط ورشيق وليتني عرفت من ألَّفه ... اشتهر هذا الموشح بمن غنَّاه وليس بمن صنعه ...

قدر الشعراء أن ينساهم الناس ويذكرون من غنى قصائدهم .........


ياشقيق الروح من جسدي ...أهوىً بي منك أم ألـــمُ ؟


أيهـا الظبي الذي شردا ... تركتني مقلتاك ســدى


زعمو أني أراك غـدا ... وأظن الموت دون غدي


أين مني اليوم مازعموا ؟ ...


أدنُ شيئـاً أيها القـمر ...كاد يمحـو نورك الخفر ...


أدلال ذاك أم حــذر؟


يانسيم الروح من بلدي... خبِّر الأحباب كيف همُ
........
هذه هي الكلمات المفرطة في رقتها وعفويتها .... أما الصوت فهو لفيروز يشاركها وديع الصافي بالتناوب ... حنجرتان رائعتان تتنافسان في قوة الصوت وعذوبة الأداء ....
مع هذا الخليط المسكر من الكلمات والصوت واللحن لايكفي وصف حالة الإنتشاء التي تصيب السامع .... إنها حالة من النشوة المباحة ... تجتاح الروح فتحلق بها في سماء من الوجد والإنتشاء والصفاء الروحي..

عشقٌ بلا بدايـة ولانهـايـة


عشق أتى - قبل الوجود وعاش في الدنيــا قرونا قبلنــا
و تقابلت أشواقنا وتصافحت أعمـارنا وتعانقت روحـانا
وتوقـدت أشواقنــا وتوهجت ومضت لتحكي سرنا وهوانا

إحدى شاعرات النت المرهفات الحس امتلأ فؤادها بعشق روحاني لاحدود له فتخيلت أنه خُلق قبل أن توجد هي ....
وربما يكون الأمر كذلك .. ... فالأرواح موجودة قبلنا وتبقى بعد فنائنـأ ... ومن يدري فقد تكون الأرواح التقت في عالمها بمن تحب وتهوى وتآلفت معه قبل أن تحط الأ{واح رحالها في الأجساد .... وتستسلم لمصيرها حيث ارتباطها بالمكان الذي أوجدت فيه .... فلا يتاح لها التعرف على الأرواح التي تآلفت معها في عالم الغيب قبل الحلول في الجسد والتعود على أسره ومطالباته ونزعاته .
كم من الأرواح استطاعت أن تجد إلفها وتهنأ بالعيش معه في عالم الأحياء ...!.....ربما تكون هناك أمور نادرة وغريبة تجمع بين الأرواح التي تحب وتألف وتشتاق وتحن إلى نصفها المفقود ..... وليس كل الأرواح ؛ فهناك أرواح تظل تبحث وتبحث ولاتجد ماتبحث عنه .... وقد يكون نصيبها أن تعود إلى عالم الخلود لتجد توأمها هناك ينتظرها ليكون التواصل الدائم الذي لاينتهي بوداع وانفصال ..... وماعلى تلك الأرواح إلا التصبٌّر والإنتظار حتى يحين موعد الرحيل عن عالم الفناء بآلامه وأحزانه ومتاعبه .تعزية لابد منها لكل تلك الأرواح النقية الطاهرة التي تعيش دون أمل في لقاء محبوب تشتاق إليه وتحلم بوجوده معها ....

قلبي يحدثني



قلبــي يحدثني يأنك متلفي ،روحــي فــداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ

لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذي
لم أقضِ فيهِ أسىً ومِثلي مَن يَفي

ما لي سِوى روحي وباذِلُ نفسِهِ
في حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ

فَلَئنْ رَضيتَ بهــا فقد أسْعَفْتَني
يا خيبـة َالمسعى إذا لمْ تسعـفِ

يا أهــلَ ودِّي أنتـــمُ أملي ومنْ
ناداكُــمُ يا أهْــلَ وُدّي قــد كُفي

عُــودوا لَما كُنتمْ عليـهِ منَ الوَفا
كرمــاً فإنِّي ذلكَ الخــلُّ الوفي

لا تحسـبوني في الهوى متصنِّعاً
كلفــي بكمْ خلـــقٌ بغيرِ تكلُّــفِ

.................

لكم أعجبتني هذه القصيدة لإبن الفارض ولكم أحببتها كثيرا .... عذوبة كلماتها ورقة الأحاسيس المتدفقة منها قادتني إلى التفكير في هذا النوع من الحب النقي الذي يسمو بالروح ويطهرها ... الحب الذي يعطي المحب فيه محبوبه كل مايملك حتى الروح وهي أغلى مالدى الإنسان دون مطالبته بشيء ....

هو نوع من العشق غير المألوف .... ومهما كان هذا الحب نادرا فلعله مازال موجودا بين البشر ..
إنه حب روحي يجعل العاشق يقبل قسوة الحبيب ويستلذ حتى بالألم وبالهجر في قربه وبعده ...
أعتقد أن من يحب بهذا القدر لابد أن يكون إنسانا تسامى بإنسانيته واقترب من الملائكية ...
فحب كهذا حريٌ بأن يطهِّر نفس المحبُّ ويرتقي بها إلى مرتبة عالية من التسامي والنقاء ...
والألم في الحب هو أقسى أنواع الألم الروحي الذي تصفو به النفس وتعلوعن مرتبة الإنسان العادي الذي يعيش من أجل إشباع حاجات الجسد الزائلة ، تلك التي لاتشبع أبدا ولاتكتفي إلا بالعجز أو الموت .

عندما يأتي المساء





عنــدما يـأتي الْمســـاء ، ونجوم الليـل تُنْـثـر
اسألُوا لى الليلَ عن نجمي، متى نجميَ يظهر
*****
عندما تبـدو النجوم في السمـا مثلَ اللآلى
اسألُوا لي، هل من حبيبٍ عنده علمٌ بحالى
*****
كلُّ نجـمٍ راح في اللَّيــل بنجــمٍ يتنـــوَّر
غيرَ قلبي فهو ما زال على الأفـقِ محيَّر
*****
يا حبيبي ، لك روحي ،لك ما شئت وأكثر
إنَّ روحي خير أُفْــقٍ فيه أنوارك تظــهر
*****
كلَّما وجَّهتُ عيني نحـو لَمَّاح المحيَّـــا
لم أجد في الأُفْقِ نجمًـا واحدًا يرنو إليَّ
*****
هل تُرى يا ليل أحظى منكَ بالعطف عليَّ
فـأغنــِّي وحبيبـي والمنـى بين يـديَّ ...؟

...................................


الكلمات للشاعر محمد أبو الوفا ـــ والغناء لمحمد عبد الوهاب
....................................
...................................



في زمن مضى كانت هذه القصيدة المغناة تهيِّج مشاعري وتطلق العنان لخيالي .... كنت أشعر وكأنَّ المطرب كان يغنيها لي وحدي ... أوبالأحرى أنه كان مكلفا بأن يغنيها بلسانه ليتحدث عن وحدتي وألمي وشعوري بالغربة .......
هي إحدى القصائد المغنَّاة التي أثرت في وجداني في زمن الصبا الغضِّ ...
ولعلَّ هناك آخرون استمعوا إليها مثلي ... في نفس الوقت أو قبل ذلك أو بعده ...... وشعروا بمثل هذا الشعور ..

من يدري ..!... فهناك أرواحٌ كثيرة تتشابه في هذا الوجود ... تتشارك في الإحساس بالأشياء وتتألم وتفرح وتحس بالشجن بنفس المقدار ولنفس الأسباب .


إهداٌ خاصٌ لتلك الأرواح التي قد يقودها الطريق إلى هنا ....


الجمعة، 27 مارس 2009

فن الموشحــات

فن الموشحات هو فن أندلسي خالص ، عرف به أبناء الأندلس ومنهم انتقل متأخراً إلى المشرق وبالتحديد بلاد المغرب العربي .... ويختلف بناء الموشح عن القصيدة العربية المعروفة من حيث بناء الأبيات وترتيبها .. ويتألف الموشح من أجزاء مختلفة يكوّن مجموعها بناء الموشح الكامل ... وقد سمي هذا الفن بالموشح لما فيه من ترصيع وتزيين وتناظر وصنعة وذلك تشبيها له بوشاح المرأة المرصع باللؤلؤ والجواهر .
من أجمل الموشحات الأندلسية .. وكان ينسب إلى ابن المعتز ولكن الحقيقة أن صاحبه هو الحفيد بن بكر بن زهر الذي نبغ في الطب والأدب والسياسة في وقت واحد..
وعشقي للموشحات بدأ مبكرا .... كان أبي ( رحمه الله ) يتغنى بأبيات جميلة ...عرفت فيما بعد وبعد بحث في كتب الأدب أنها من موشح أندلسي .. كان موشحا دينيا في شكل غزلي ...
لم تكن معاني الكلمات واضحة في ذهني آنذاك ... وبعد أن كبرت قليلا وبعد بحث في كتب الشعر العربي عرفت أن هذا النوع الشعري يعرف بالموشحات ... وأن الموشحات عرفت في الأندلس حيث الحياة الناعمة اللطيفة الموشحة بالطبيعة الخلابة قد أوجدت في نفوس الشعراء القادمين من الصحراء طراوة ونداوة تسببت في إيجاد أنواع جديدة من الشعر الذي لم يكن موجودا في الشعر العربي ..
هذا الموشح مشهور جدا أنشده الكثير من المنشدين المغاربة والمشارقة .. وبعض المطربين استقطع أجزءا منه للتغني بها ...
أيها الساقي إليكَ المشتكَى قد دعوناك وان لم تسمـعِ

ونديمٍ همــتُ في غُـرّتِــهِ
وبشرب ِ الراح ِمن راحتِه
كلمـا استيقظ من سُكرَتِهِ
جذبَ الزقَّ اليــهِ واتـّكــا وسقانـي أربَعـًا في أربَع ِ

غصنُ بان ٍمالَ من حيثُ النوى
ماتَ من يهواه من فرط ِالجوى
خَفِقُ الأحشاء ِ مرهونُ القوى

كلما فكَّـــر في البيـْـن ِ بكــى
ويحـــه يبكي لمــا لم يقـــــع ِ

مالِ عينــي عَشِـيَتْ بالنظــر ِ
أنكرَتْ بعـــدكَ ضــوءَ القمـر ِ
فإذا ما شئتَ فاسمَعْ خبـري

عشِيت عينايَ من طول ِ البكا
وبكى بعضي على بعضي معي
ليس لي صبـرٌ ولا لي جَلَـدُ
يالـقومي عذلوا واجتهدوا
أنكروا شكوايَ ممّا أجـِــدُ
مثلُ حالي حقًّها أنْ تشـتـكـي كـمـدَ اليأس ِ وذُلَّ الطَـمَـعِ
كبـدِي حرّى ودمعي يكـِفُ
تعرفُ الذنبَ ولا تعتـرِفُ
أيـها المعرِضُ عما أصِـفُ
قد نما حُبـِّي بقلبي وزكا لا تـخـلْ في الحبِّ أنـّي مدَّعِـي

فقد الأحبة



لما أناخــوا قبيل الصبح عيسهمُ ..

وحمَّلوهـا وسـارت بالهـوى الإبلُ

يا حادي العيس عرِّج كي أودعهم ..

يا حادي العيس في ترحالك الأجلُ


ماأصعب الوداع ...! ... ماأقساه ...ماأشدٌّ ألمه .... !... ولكنه أمرٌ محتومٌ ....! ... نودع أحبتنا وقلوبنا تتمزق ...! وأرواحنا تكاد تتفتت لوعة وشجنا وشوقا..
أي فراق في العالم يهون إن كان الأمل في اللقاء موجود ... وهو موجود مادمنا ودام من نودعهم على ظهر الحياة ....
ولكن إن كان الفراق بلا أمل أو رجوع لأن من نجبهم غادرونا دون رجعة .... فذاك أقصى ماتلقاه النفس من أسى وحزن ... وأكثر مايجعل المرء يشعر بالغربة في الحياة ....
وماهي قيمة الحياة إن فقدنا الأحبة وفقدنا بفراقهم الدائم كل متعة في العيش وكل الفرح ...؟
أيها الغائبون عن العين أنتم في سويداءالقلب .... وفي حنايا الروح مسكنكم ... وسأبقى مابقي لي من العمر انتظر وأنتظر أن نلتقي ثانية بين يدي ربِّ رحيم .

الحبـيـب المجهــول



حبيبي ياللي خيالي فيك ..ياللي حياتي حتكمل بيك


مين انت ؟.. ما اعرفش.. فين انت؟.. ما اعرفش


ما اعـرفش امتى وفين حلاقيك حبيبي ... حبيبي

***
بانده عليك والليل مشغول بين الحبايب والخلا

يطول يصبري وافضل اقول فين انت يا أملي سهران


أسمع صوتك يكلمني والدنيا ساكتــه حواليَّا


والمح نـورك بيطمني وافضل اضمٌّه بعـنيَّا


يطول سهادي وافضل انادي حبيبي ...حبيبي

***
فين انت ياللي بتقابل افكاري قبل ما شوفك


من كتر فكري ماعاش وياك أغير عليك منه واداري


حبيبي ياللي خيــالي فيك ياللي حياتــي حتكمل بيك


مين انت ؟.. ما اعرفش فين انت؟.. ما اعرفش


ما اعرفش امتى وفين حالاقيــك حبيبي حبيبي


.......................


كلمات بعاميَّة بسيطة ولكنها تحمل معانِ عميقة قلَّ ماتطرق إليها أحد من الشعراء والمحبين ... ويزيد من جمال المعاني أنها تتدفق من حنجرة مدربة وبصوت حنون فتتلقاها الروح بهيام وافتتان .....


هو الحب مهما كانت مسبباته وحالاته ... وحب الروح هو أسمى أنواع الحب وأنقاه ... أما الحب لشخص مجهول لاتراه العين ولاتعرفه ... أوعشق صورة يركبها الخيال ويضفي عليها ماشاء من الخلال والأوصاف فهو أصعب أنواع الحب حيث لاوجود للمحبوب في عالم الحقيقة ... ولكنه ساكن في روح وفكر ومشاعر المحب .... أما لماذا يحب الشخص من لاوجود له فقد يكون السبب أنه لم يجد في عالمه من هو جدير بالحب .... أو لأنه ينأى بنفسه عن خوض تجارب الغرام العادية .... أو لأن الحبيب الذي يسكن بداخله كان يوما ما شخصا قريبا منه ولكنه بعيد المنال فتحول إلى خيال معشوق ....


إنه نوعٌ من العشق الملتاع الذي لايراه الآخرون ولايفهمونه ولايحاربونه كما يفعلون مع أنواع الحب الأخرى ...!..


عشقٌ يعبر عن نفسه من خلال وسيلة التعبير المتاحة للعاشق .... يغرد إن استطاع التغريد ... يصوِّر بالألوان إن كان مصورا أو رساما أو يطوع الحروف لتحتوي مشاعره إن كان كاتبا ... أوحتى ينقش أحاسيسه على الشجر أو الحجر أوعلى أي شيء .... فقط ليعبِّر عن معاناة القلب وعذاب الروح مما يجه من وجد وحنين ولوعة .....

يشكو ألمه ويحكي حزنه .... وهل يخلو أي حب من الألم ومن الحزن ....!

الحب داءٌ أم دواء


يقول ارسطو "الحب الذي ينتهي ليس حباً حقيقياً ".


ولكن ماهو الحب الحقيقي؟... وهل هناك نوع حقيقي ونوع غير حقيقي..؟........وكيف يفرق المرء بينهما .... ؟..
هل الديمومة هي التي تميز الحب الحقيقي عن الحب المزيف ...؟... ولماذا يموت الحب في قلوب العاشقين ؟...ومالذي يجعل الحب يدوم ؟...... هل هناك وصفة أو طريقة للمحافظة على الحب ...؟... أسئلة طالما حيرت الفلاسفة والمفكرين والعشاق على مدى الحياة ....
ولعل ذلك الإهتمام بمسألة الحب جاءت بسبب أن الحب صفة بشرية مرافقة للإنسان منذ بدأ الخليقة .. أو هي عاهة ابتلي الإنسان بها أراد ذلك أم لم يرد .... ألم يقل الشاعر( ابن المعتز ) ذات مرة :
داءٌ قديم في بني آدمٍ . . . صبوةُ إنسان بإنسان
إذن فلحب في نظر البعض داءٌ ...وهو داءٌ مقدر على الإنسان أن يُبتلى به ولو مرة في العمر شاء ذلك أم أبى ... وقد يطول بلاؤه ووتتكررمعاناته حسب شخصيته وقدرته على التحمل ...أوربما لعدم وجود مناعة كافية لديه ... وربما هومجرد اختراع بلغة هذا الزمان ... اختراع من صنع البشر ... كما قال شاعر العصر الحديث :
الحب في الأرض بعضٌ من تخيلنا ... لولم نجده عليها لاخترعناه .
ولكن هل المرء يصاب بهذا الداء رغما عنه لقلة مناعته ..أو أنه يبحث عنه ويعرض نفسه له رغم معرفته بخطورته وعواقبه وآلامه ...!.... تساؤل يفرض نفسه أحيانا ... ولم نحب شخصا بعينه ونترك شخصا آخر قد يكون أفضل منه من ناحية المحاسن الجسدية أو الصفات الروحية .... البعض يقول أنها كيمياء الحب هي التي تجمع بين شخصين فتسلبهما القوة والإرادة فيصابان بداء الحب ويقعان فريسة له ....... وقد يقع أحدهما وينجو الآخر فتكون الطامة .... حيث لااستجابة ولاقبول لعواطف الشخص الآخر
..
قد يكون الحب داء وقد يكون دواء ... إذا تسامى بالروح وأيقظ حواس الإنسان ومشاعره الغافية ... وأعاد له بهجة الحياة وجمالها ..

الأرواح جنودٌ مجندة

الإنسان هو الإنسان في كل مكان من هذا الكون .... كلنا إنسان يفرح ..يحزن.. يتألم ... يعاني .. ... يمرض ...يموت .... كلنا بشر تجمع بيننا مشاعر الإنسانية الواحدة ...

قد تكون هناك فواصل تفصل بيننا ...وحواجز تباعد بين وجهاتنا و ... أنواع من الفواصل والحواجز ...منها ماهو مكاني أو زماني أو ديني أو عرقي أو غير ذلك ......هذه الحواجز تباعد الأجسام والأهداف والأفكار ........... أماأرواحنا فإنها تبقى كماهي منذ نشأتها الأولى ...... لاحواجز ولاحدود ولاموانع تقف بينها وبين التواصل والتقارب ...

إنها أرواح طليقة خالية من التعقيدات البشرية والحواجز المكانية .... تسير بأمر ربها ...وتتواصل فيمابينها بطرق لانفهمها ...

ترى إنسانا أو تسمع عنه فتشعر بأن روحك تهفوإليه وتشتاق لوجوده ووتتألم لبعده دون سبب مفهوم ...

وتعيش مع شخص آخر عشرات السنين فلا تقترب روحك من روحه ... ولاتتواصل معها .... ولاتتآلأف مع وجودها ...ولاتعرف السبب ..

نحن البشر نفسر ذلك باختلاف الطبائع وتباين وجهات النظر وتفاوت الأفكار وتباعدها .... هذا مانقوله لتفسير عدم التوافق بين شخصين ..

ولكن تجاذب الأرواح لاعلاقة له بكل هذه الأسباب ... فمهما اختلفت أسباب التقارب والتباعد بين الناس فلا علاقة لذلك بماتشعر به الأرواح حين تتقابل فتشعر بالتواصل الحميم أو بالنفور والكراهية دون سبب واضح .... إنها تلك الكيمياء الغامضة التي تربط الأرواح ببعضها البعض أو تباعدها وتسبب تباغضها ....

أسرار عجيبة لايعلمها إلا خالق تلك الأرواح ومقسمها على أجساد البشر ....

( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وماأوتيتم من العلم إلا قليلا ).صدق الله العظيم

الاثنين، 23 مارس 2009

الرضا والنور



أوقدوا الشموع .. انثروا الزهور ..
موكب العروس .. فى السما يدور ..
***
الرضا والنور .. والصبايا الحور ..
والهوى يدور ..
آن للغريب .. ان يرى حماه ..
يومه القريب .. شاطىء الحياة ..
والمنى قطوف .. فى السما تطوف ..
انقروا الدفوف ..
***
يا حبيب الروح .. تائه مجروح ..
كله جروح ..
لائذ بالباب .. شوقه دعاه ..
والرضا رحاب .. يشمل العفاة ..
والمنى قطوف .. فى السما تطوف ..
انقروا الدفوف ..
***
طاف بالسلام .. طائف السلام ..
يوقظ النيام ..
عهده الوثير .. واحة النجاة ..
أول الطريق .. هو منتهاه ..
والمنى قطوف .. فى السما تطوف ..
انقروا الدفوف ..

كلمات بسيطة .... شفافة .... مرهفة إلى أبعد الحدود .... كلمات تصوِّر عودة الروح إلى حماها وموطنها الأول كما يستشعرها الصوفي النقي ويتغنى بها .... إنها عودة الروح إلى ربها وخالقها بعد معاناة طالت أم قصرت في سجن الحياة ....



طالما أحببتٌ هذه الأغنية وأنا صغيرة حتى قبل أن أفقه المعنى العميق وراء الكلمات ... وما زلت أشتاق إليها حين يشدو بها الصوت الرخيم الذي أمتع طفولتنا وصبانا .... صوت الراحلة العظيمة صوتا وأداءا ووعيا ...



إنها كلماتي المفضلة أحببت أن أرصع بها هذا المكان واستئنس بوجودها كلما قمت بالتطواف والتجوال بين حروفي وحروفا لآخرين صففتها في هذا الفضاء الرحب ... حيث الأرواح تأتي لتلتقي وتستئنس بوجود من ترتاح لوجودهم معها ...



قد يكون بين من يحط الرحال هنا من عرفها وأحبها مثلي ..

الأربعاء، 18 مارس 2009

العشق الروحي



" وعشق الروح مالوش آخر ..لكن عشق الجسد فاني " ....... وفي عالم الأرواح تلتقي الأرواح وتحب بعضها البعض حبا نقيا خالصا من الشهوات والرغبات ..... حبًا يختلف عن مايعرفه عشاق المفاتن وطلاب المتعة حين يعشقون الأجساد قبل الأرواح.


ليس شرطا أن يكون المعشوق فاتنا أو ساحر الجمال .... لأن مايراه العاشق فيه لايراه البشر .... إنها الروح التي تتآلف مع روح أخرى وتلتحم بها .........


يقول ذلك المطرب بانفعال وحماس : روحي تحبك غصب عني تحبك ...

وقبله غنت المطربة المخضرمة : روحي وروحك حبايب من قبل دا العالم والله

وقبلهما ردَّد على أسماعنامطرب الجيل الماضي بصوت آسر ونغمات تأسر القلب ..: وعشق الروح مالوش آخر ........


عشق الروح أبقى وأرقى وأنقى أنواع الحب ..... قد لايعترف بذلك عشاق الجسد وطلاب المتعة العابرة من خلال علاقات يدعونها حبا ولكنها سرعان ماينطفيء الحب فيها وتعشش فيها العتمة .

وحين تعشق الروح شخصا غائبا أو حاضرا فإنها لاتطلب منه وصلا ولاتعاتبه على هجر ولاتفرض عليه أمرا أو تقيده بقيود الحب المألوفة التي يعاني منها العاشق والمعشوق في قصص الحب المألوفة ...

يكتفي عاشق الروح بأن يكون عاشقا فقط دون مطالب أو شهوات أو رغبات ..... حب نقي خالص من كل الشوائب ..


وقد تكون هناك أسباب تجعل العاشق يقنع من محبوبه بالنظر أو بالسماع أو بالمتابعة عن بعد ... حب ممنوع أو مستحيل أو غير مقبول .....

أسباب مثل أنف الشاعرالمسكين "سيرانو دي برجراك" في رواية الكاتب الفرنسي أدمون روستان .. أو قد تكون فقط الرغبة في تجربة هذا النوع من الحب والعيش مع عذاباته ومعاناته لصهر الروح وتنقيتها والإرتفاع بها عن مستوى البشر ..!


أهو أمرٌ غريب أن نحب شخصا دون أن نطمع في التواصل معه ... وماهو أكثر من مجرد التواصل ....... قد يكون ذلك غريبا على من اعتاد على التعامل بأحاسيسه البشرية ورغباته الجسدية ...... أما من سمت روحه وتعالت فوق الرغبات والشهوات العابرة فإنه يجد في هذا الحب الروحي لذة لاتعدلها لذة ..... إنه يتواصل مع من يحب بروحه .... حتى ولو لم يكن المحبوب مطلعا على عواطفه نحوه .... وهذا أصعب أنواع الحب وأشده تعذيبا وإيلاما ... وياويل من كان محبوب روحه أمام عينيه ولايستطيع أن يبوح له بهواه لأن هناك موانع وحواجز تقوم بينه وبين هذا المحبوب .. حواجز دينية ... أخلاقية ... عرفية .... أي حواجز مانعة تحول بين المحب ومن يهوى ...


هناك نوع آخر من الحب الروحي ... وهو ذاك الذي يحب فيه المرء إنسانا لم يره ولم يعش معه .... ولايعرف كيف يبدوشكلا ... إنه حب سماعي ....مثل ذاك الذي قال عنه الشاعر الكبير :

والأذن تعشق قبل العين أحيانا ...

بل ربما لايكون هناك حبٌ لشخصٍ بعينه وإنما مجرد صورة يتخيلها المحب .... أو يحس بوجودها في مكان غير محدد ....

مثل ماتغنى المطرب نفسه حين تخيَّل حبيبا مجهولا يحبه دون أن يعرفه .... حبيبٌ خيالي يناجيه بقوله :

حبيبي باللي خيالي فيك .. ياللي حياتي حتكمل بيك

مين انت ما اعرفش ... فين انت ما اعرفــش

ما اعرفش امتى وفين حلاقيك ... حبيبي حبيبي

حبٌّ من هذا النوع الفريد هو وهمٌ جميل ... ولكنه يمنح العاشق الواهم مجالا يمارس فيه روحانيته ويملأ حياته بمشاعر سامية .... يعيش معها وقتا ممتعا في عالم جميل حتى ولو كان عالما من وهم .


آه ... أيتها الأرواح الجميلة التي تتمازج في عالم روحي نقي وصافٍ ........ ماأجمل عالمك وماألطفه وماأروعه ...!...


الأحد، 8 مارس 2009

قصيدة الروح


( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وماأوتيتم من العلم إلا قليلا )...صدق الله العظيم.

عالم الأرواح سر من الأسرار التي لايطلع عليها غير مالك هذه الأرواح وحده سبحانه ....... عالم عجيب ُزاخرُ بكل أنواع الأسرار الغامضة .....
كيف خطرللعالم والطبيب الشهير إبن سينا أن يسجل خواطره عن الروح في قصيدة فريدة ... هي تلك القصيدة العينية التي تعالج مسألة الروح بشكل فلسفي عميق ... الروح الممزقة بين مطالب الجسد وتوق الروح إلى عالم الطهر والرقي .. وكيف توصل ذلك العالم الفيلسوف إلى تلك المعرفة عن عالم الأرواح الخالدة ؟.
القصيدة تحمل دلالات عميقة عن سمو الروح وعلوها وعن علاقتها بالبدن ، واستكانتها لسجن الجسد وتآلفها معه حتى إذا ما حانت ساعة الرحيل انطلقت سعيدة محلقة في فضاءاتها الواسعة ... ولهذه الأسباب أحبها كثيرا وأحب العودة إليها بين حين وآخر .

........................................................

هبـطـت إليـك من المحـل الأرفـــع ورقــاءُ ذات تعـــززٍ وتـمنــع
محجوبـة عن كل مقـلة عـارفٍ وهـي التي سفـرت ولم تـتـبرقـع
وصلت على كـرهٍ إليـك وربما كرهــت فراقـك وهـي ذات تفـجٌـع
ألفـت ومــا سكنـت، فلما واصلت ألفت مجـاورة الخـراب البلـقـع
وأظنـهــا نسيـت عهـوداً بالحــمى ومنـازلاً بفـراقهـا لـم تـقــنـع
حتى إذا اتصلت بهـاء هبـوطهـاعن ميـم مركـزهـا بذات الأجـرع
علقت بهـا ثــاء الثقـيل فأصبحت بَيْنَ المَعَـالِمِ وَالطُّـلُـولِ الخُـضَّعِ
تبكــي وقد ذكرت عهــوداً بالحمــى بمدامـعٍ تـهمـي ولمــَّا تقـلـع
وتظــل ساجعـــةً على الدِّمن التي درست بتكـرار الرياح الأربــع
إذعاقهـا الشرك الكثيف وصدّهـا قفص عن الأوجِ الفسيح المَرْبَع
حتى إذا قرب المسيرمن الحمى ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسـع
سجعت وقد كُشِفَ الغطاءُ فأبصرت ما ليس يُدركَ بالعيونِ الهجَّـع
وغـد ت مفـارقــة لكل مخــلّـفٍ عنهــا حليـف التُّرْبِ غير مُشَيِّـع
وبدت تُغــرِّدُ فـوق ذروة شـاهـقٍ والعـلم يرفــع كل من لـم يُرفـع
فلأي شـيءِ أُهبطـت من شـاهق ٍعـالٍ إلى قعرالحضيض الأوضع ؟
إن كان أهبطـهـا الإلـه لحـكمـةٍ طويت على الفــذ اللبيـب الأروع
وهبوطهـا إن كان ضربــة لازبٍ لتكون ســامعــــة بما لم تسـمع
وتعــود عالمـــة بكل خــفيـــَّـة في العـالميـن ،فخرقهــا لم يرقــع
وهي التي قطع الزمـان طريقهـاحتـى لـقــد غربت بغيـر المـطلـع
فكأنـهــــا بـرق تألـــَّق بالحمـــى ثم انطــوى فـكأنــَّـه لـم يلـمــع
أنعم برد جــواب مـا أنـا سـائل عنــه فنـــار العــلم ذات تشعشـع