
" وعشق الروح مالوش آخر ..لكن عشق الجسد فاني " ....... وفي عالم الأرواح تلتقي الأرواح وتحب بعضها البعض حبا نقيا خالصا من الشهوات والرغبات ..... حبًا يختلف عن مايعرفه عشاق المفاتن وطلاب المتعة حين يعشقون الأجساد قبل الأرواح.
ليس شرطا أن يكون المعشوق فاتنا أو ساحر الجمال .... لأن مايراه العاشق فيه لايراه البشر .... إنها الروح التي تتآلف مع روح أخرى وتلتحم بها .........
يقول ذلك المطرب بانفعال وحماس : روحي تحبك غصب عني تحبك ...
وقبله غنت المطربة المخضرمة : روحي وروحك حبايب من قبل دا العالم والله
وقبلهما ردَّد على أسماعنامطرب الجيل الماضي بصوت آسر ونغمات تأسر القلب ..: وعشق الروح مالوش آخر ........
عشق الروح أبقى وأرقى وأنقى أنواع الحب ..... قد لايعترف بذلك عشاق الجسد وطلاب المتعة العابرة من خلال علاقات يدعونها حبا ولكنها سرعان ماينطفيء الحب فيها وتعشش فيها العتمة .
وحين تعشق الروح شخصا غائبا أو حاضرا فإنها لاتطلب منه وصلا ولاتعاتبه على هجر ولاتفرض عليه أمرا أو تقيده بقيود الحب المألوفة التي يعاني منها العاشق والمعشوق في قصص الحب المألوفة ...
يكتفي عاشق الروح بأن يكون عاشقا فقط دون مطالب أو شهوات أو رغبات ..... حب نقي خالص من كل الشوائب ..
وقد تكون هناك أسباب تجعل العاشق يقنع من محبوبه بالنظر أو بالسماع أو بالمتابعة عن بعد ... حب ممنوع أو مستحيل أو غير مقبول .....
أسباب مثل أنف الشاعرالمسكين "سيرانو دي برجراك" في رواية الكاتب الفرنسي أدمون روستان .. أو قد تكون فقط الرغبة في تجربة هذا النوع من الحب والعيش مع عذاباته ومعاناته لصهر الروح وتنقيتها والإرتفاع بها عن مستوى البشر ..!
أهو أمرٌ غريب أن نحب شخصا دون أن نطمع في التواصل معه ... وماهو أكثر من مجرد التواصل ....... قد يكون ذلك غريبا على من اعتاد على التعامل بأحاسيسه البشرية ورغباته الجسدية ...... أما من سمت روحه وتعالت فوق الرغبات والشهوات العابرة فإنه يجد في هذا الحب الروحي لذة لاتعدلها لذة ..... إنه يتواصل مع من يحب بروحه .... حتى ولو لم يكن المحبوب مطلعا على عواطفه نحوه .... وهذا أصعب أنواع الحب وأشده تعذيبا وإيلاما ... وياويل من كان محبوب روحه أمام عينيه ولايستطيع أن يبوح له بهواه لأن هناك موانع وحواجز تقوم بينه وبين هذا المحبوب .. حواجز دينية ... أخلاقية ... عرفية .... أي حواجز مانعة تحول بين المحب ومن يهوى ...
هناك نوع آخر من الحب الروحي ... وهو ذاك الذي يحب فيه المرء إنسانا لم يره ولم يعش معه .... ولايعرف كيف يبدوشكلا ... إنه حب سماعي ....مثل ذاك الذي قال عنه الشاعر الكبير :
والأذن تعشق قبل العين أحيانا ...
بل ربما لايكون هناك حبٌ لشخصٍ بعينه وإنما مجرد صورة يتخيلها المحب .... أو يحس بوجودها في مكان غير محدد ....
مثل ماتغنى المطرب نفسه حين تخيَّل حبيبا مجهولا يحبه دون أن يعرفه .... حبيبٌ خيالي يناجيه بقوله :
حبيبي باللي خيالي فيك .. ياللي حياتي حتكمل بيك
مين انت ما اعرفش ... فين انت ما اعرفــش
ما اعرفش امتى وفين حلاقيك ... حبيبي حبيبي
حبٌّ من هذا النوع الفريد هو وهمٌ جميل ... ولكنه يمنح العاشق الواهم مجالا يمارس فيه روحانيته ويملأ حياته بمشاعر سامية .... يعيش معها وقتا ممتعا في عالم جميل حتى ولو كان عالما من وهم .
آه ... أيتها الأرواح الجميلة التي تتمازج في عالم روحي نقي وصافٍ ........ ماأجمل عالمك وماألطفه وماأروعه ...!...